كلنا يعلم أن الموت هو النهاية لهذه الدنيا, و القبر هوالبيت الثاني الذي سننقل إليه, و اللحد مصيرنا, لكن القليل الذي يستعد لهذا اليوم, فالكثير منا مشغول بالحياة الدنيا, و جمع المال, و الأولاد, و المناصب, لكن القليل الذي يؤدي ما عليه من فروض كاملة غير منقوصة, و يستعد ليوم لا ينفع فيه مال و لا بنون, إلا من أتي الله بقلب سليم.. لقد كثر في الأيام الأخيرة الموت المفاجئ بسبب كثرة الحوادث و المشاجرات و الأمراض .. فهل نحن مستعدون له ؟
حول كيفية الاستعداد للموت الذي يأتي بغتة, يقول الدكتور زكي عثمان رئيس قسم الدعوة و الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر :
إنه يجب علي كل مسلم أن يضع حديث الرسول " صلي الله عليه و سلم " نصب عينيه دائماً, الذي يقول فيه : " و الله لتموتن كما تنامون, و لتبعثن كما تستيقظون, و لتحاسبن بما تعملون و إنها للجنة أبداً أو النار أبداً " ..
و يضيف الدكتور عثمان أنها كلمات توقظ فينا الإحساس, و تجعلنا ننتبه و نستيقظ من ثبات عميق, لأن الناس نيام, فإذا ماتوا انتبهوا، فاحذروا موت الفجأة.
و يكمل .. فالإنسان بين نفسين, إذا دخل لم يخرج و إذا خرج لم يدخل, فلننتبه, و من هنا كان حقاً علي كل مسلم أن يترك وصيته تحت رأسه كل ليلة, فيها ما له و ما عليه, لأنه سيقابل وجه الكريم سبحانه و تعالي في أي لحظة, وفقاً للآية الكريمة " كل من عليها فان, و يبقي وجه ربك ذو الجلال و الإكرام " ..
أما الشيخ سعد البريك – إمام بالأوقاف – في خطبته :
" كفا بالوت و أعظا " فيقول : إن الإستعداد لموت الفجأة يكون بترك المنكرات أولاً, و بترك المعاصي, و رد المظالم إلي أهلها, و رد الحقوق إلي أصحابها، فكيف يطمئن النائم و هو يعلم أن النوم ميتة ؟ .. و كيف يستمتع نائم بنوم و في رقبته ديون معلقة, و هو يعلم أن الحقوق يوم القيامة لا تغتفر إلا برضا أصحابها .. و من ذا الذي يرضي بحسنة يوم القيامة إذا كنت لا تسمح بحسنة لأمك .. و إذا كان أبوك لا يسمح بحسنة لك .. فكيف تظن واحداً من سائر الناس يتنازل أو يرضي بحسنة يتركها أو يدخرها من أعمالك لتضاف إلي كفة ميزانه .. حقوق الله مبنية علي الصفح و المسامحة, و حقوق العباد مبنية علي الضيق .
و يشدد علي أن الإستعداد للموت يكون ببذل الحسنات, و إعمال الأنفس بالصالحات, فإن هذه الدنيا دار ممر و الآخرة دار مقر, فهنيئاً لمن بني داراً ينتقل إليها و لو تهاون في دار يعبرها, إن التهاون في أمور الحياة البحتة قد لا يضر ما دام الإنسان يبني داراً باقياً فيها, أما أن نخرب الآخرة و نعمر الدنيا فذاك كما قال السلف لما سئل : لماذا نحب الدنيا و نكره الآخرة ؟ قال : لأنكم عمرتم دنياكم و خربتم آخرتكم, فتكرهون تنتقلوا من العمار إلي الخراب ؟ .
و يكمل أن الإستعداد للموت بإزالة الشحناء و العداوات و البغضاء من القلوب, و كيف نكون مستعدين للموت و اللهو و الطرب في بيوتنا و سياراتنا, نصبح و نمس عليه, إلا ما شاء ربك من قليل من العباد ؟ .. كيف يكون الإستعداد للموت و الكثير لا يعرفون صلاة الفجر مع الجماعة ؟! كيف الإستعداد للموت و الكثير لا يبالي بأمر الله في حلال أو حرام ؟!
إستعدوا للموت, فإن الموت لا يعرف صغيراً و لا كبيراً، كثيراً ما يتساءل الناس : مات فلان !! هل أصابته جلطة ؟ هل أصابته سكتة ؟ هل كان مصاباً بمرض ؟ .. إن الأسقام إلا أسباب, و إذا أراد الله حياة عبد لو اجتمعت عليه الأسقام و الأمراض ما نقص ذلك من أجله شيئاً .
مصطفي محمد عبد المحسن